فصل: سنة ثلاث وعشرين ومائتين وألف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ الجبرتي المسمى بـ «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» (نسخة منقحة)



.سنة ثلاث وعشرين ومائتين وألف:

.شهر المحرم سنة 1223:

فكان أول المحرم يوم الأحد فيه برز القابجي المسمى بيانجي بك إلى السفر على طريق البر وخرج الباشا لوداعه وهذا القابجي كان حضر بالأوامر بخروج العساكر للبلاد الحجازية وخلاص البلاد من أديد الوهابية وفي مراسيمه التي حضر بها التأكيد والحث على ذلك فلم يزل الباشا يخادعه ويعده بإنفاذ الأمر ويعرفه أن هذا الأمر لا يتم بالعجلة ويحتاج إلى استعداد كبير وإنشاء مراكب في القلزم وغير ذلك من الاستعدادات وعمل الباشا ديواناً جمع فيه الدفتردار والمعلم غالي والسيد عمر والمشايخ وقال لهم لا يخفاكم أن الحرمين استولى عليها الوهابيون ومشوا أحكامهم بها وقد رودت علينا الأوامر السلطانية المرة بعد المرة للخروج إليهم ومحاربتهم وجلائهم وطردهم عن الحرمين الشريفين ولا تخفي عنكم الحواث والوقائع التي كانت سبباً في التأخير عن المبادرة في امتثال الأوامر والآن حصل الهد وحضر قابجي باشا بالتأكيد والحث على خروج العساكر وسفرهم وقد حسبنا المصاريف اللازمة في هذه الوقت فبلغت أربعة وعشرين ألف كيس فاعملوا رأيكم في تحصيلها فحصل ارتباك واضطراب وشاع ذلك في الناس وزاد بهم الوسواس ثم اتفقوا على كتابة عرضحال ليصحبه ذلك القابجي معه بصورة نمقوها.
وفي سادسه، حضر مرزوق بك وسليم بك المحرمجي وعلي كشاف الصابونجي المرسل فطلعوا إلى القلعة وقابلوا الباشا وخلع على مرزوق بك والمحرمجي فروتين ونزلا إلى دورهما ثم ترددوا وطلعوا ونزلوا وبلغوا رسائل الأمراء القبليين وذكروا مطالبهم وشروط الباشا عليهم والاتفاق في تقرير الصلح والمصالحة عدة أيام.
وفيه، حضر عرب الهنادي والجهنة وصالحوا على أنفسهم وأن يرجعوا إلى منازلهم بالبحيرة ويطردوا أولاد علي وكانوا تغلبوا على الإقليم وحصل منهم الفساد والإفساد وكانت مصالحتهم بيد شاهين بك الألفي وسافر معهم شاهين بك وخشداشينه ولم يبق بالجيزة سوى نعمان بك وذهبوا إلى ناحية دمنهور وارتحل أولاد علي إلى الحوش ابن عيسى وذلك أواخر المحرم ثم أن شاهين بك ركب بمن معه وحاربهم ووقع بينهم مقتلة عظيمة وقتل فيها شخصان من كبار الأجناد الألفية وهما عثمان كاشف وآخر ونحو ستة مماليك وقتل جملة كثيرة من العرب وانكشف الحرب عن هزيمة العرب وأسروا منهم نحو الأربعين وغنموا منهم غنائم كثيرة من أغنام وجمال وتفرقوا وتشتتوا وذهبوا إلى ناحية قبلي والفيوم وذلك في شهر صفر في عاشره حضر شاهين بك وباقي الألفية.

.شهر ربيع الثاني سنة 1223:

وفي عشرينه، ورد الخبر بموت شاهين بك المرادي فخلع الباشا عن سليم بك المحرمجي وجعله كبيراً ورئيساً على المرادية عوضاً عن شاهين بك وسافر إلى قبلي.
وفيه، أيضاً حضر أمين بك الألفي من غيبته وكان مسافراً مع الإنكليز الذين كانوا حضروا إلى الإسكندرية ورشيد وحصل لهم ما حصل فلم يزل غائباً حتى بلغه صلح خشداشينه مع الباشا فرجع وطلع على ردته فأرسلوا له الملاقاة والخيول واللوازم وحضر في التاريخ المذكور.
وفيه، زوج الباشا شاهين بك سرية انتقتها زوجة الباشا ونظمتها وفرش له سبعة مجالس بقصر الجيزة وجمعوا لذلك المنجدين وتقيد بتجهيز الشوار والأقمشة واللوازم الخواحجا محمود حسن وكذلك زوج نعمان بك سرية أخرى وسكن بيت المشهدي بدرب الدليل بعد أن عمرت له الدار وفرشت على طرف الباشا وكذلك تزوج عمر بك بجارية من جواري الست نفيسة المرادية وجهزتها جهازاً نفيساً من مالها وتزوج أيضاً علي كاشف الكبير الألفي بزوجة أستاذه.

.شهر جمادى الأول سنة 1223:

فيه، سافر مرزوق بك بعد تقرير أمر الصلح بينه وبين الأمراء المصريين القبالي وقلد الباشا مرزوق بك ولاية جرجا وإمارة الصعيد وألبسه الخلعة وشرط عليه إرسال المال والغلال الميرية فعند ذلك اطمأنت الناس وسافرت السفار والمتسببون ووصل إلى السواحل مراكب الغلال والأشياء التي تجلب من الجهة القبلية.

.شهر جمادى الثانية سنة 1223:

فيه قطع الباشا مرتب الدلاة الأغراب وأخرجهم وعزل كبيرهم الذي يسمى كردي بوالي الساكن ببولاق وقلد ذلك مصطفى بك من أقاربه وجعله كبيراً على طائفة الدلاتية الباقين وضم إليه طائفة من الأتراك ألبسهم طراطير وجعلهم دلاتية وسافر كردي بوالي لبلاده في منتصف الشهر وخرج صحبته عدة كبيرة من الدلاة.
وفي أواخره، وردت الأخبار من إسلامبول وذلك أن طائفة من الينكجرية تعصبت وقامت على السلطان سليم وعزلوه وأجلسوا مكانه السلطان مصطفى وأبطلوا النظام الجيد وقتلوا دفتردار النظام الجديد وكتخدا الدولة ودفتردار الدولة وغيرهم وقطعوهم في أت ميدان بعد أن تغيبوا واختفوا في أماكن حتى في بيوت النصارى واستدلوا عليهم واحداً بعد واحد فكانوا يستحبون الأمير منهم المترفه على صورة منكرة إلى أت ميدان فيقتلونه وبعضهم قطعوه في الطريق وسكن الحال على سلطنة السلطان مصطفى بن عبد الحميد وكان السلطان سليم عندما أحس بحركة الينكجرية أرسل يستنجد ويستدعي مصطفى باشا البيرقدار، وكان يرشق بالروملي بمخيم العرضي المتعين على حرب الموسكوب ووصل خبر الواقعة إلى من بالعرضي فأقام أيضاً الينكجرية الفتنة العرضي وقتلوا آغات العرضي وخلافه عند مصطفى باشا المذكور، وقد وصله مراسلة السلطان سليم فحركوا همته على القيام بنصرة السلطان سليم على الينكجرية فركب من العرضي في عدة وافرة وحضر إلى إسلامبول وشق بجمعه وعسكره من وسطها في كبكبة حتى وصل إلى باب السراية فوجده مغلقاً فأراد كسره أو حرقه إلى أن فتحوه بالعنف وعبر إلى داخل السراية وطلب السلطان سليم فعند ذلك أرسل السلطان مصطفى المتولي جماعة من خاصته فدخلوا على السلطان سليم في المكان الذي هو مختف به وقتلوه بالخناجر والسكاكين حتى مات وأحضره ميتاً إلى مصطفى باشا البيرقدار وقالوا له هاهو السلطان سليم الذي تطلبه، فلما رآه ميتاً بكى وتأسف، ثم أنه عزل السلطان مصطفى وأحضر محموداً أخاه بن عبد الحميد وأجلسه على تخت الملك، ونودي باسمه وكان ذلك يوم الخميس خامس جمادى الثانية من السنة وعمره ثلاث وعشرون سنة.
ومات السلطان سليم وعمره إحدى وخمسون سنة لأنه ولد سنة 1172 ومجة ولايته نحو العشرين سنة تنقص شهراً، فلما وردت هذه الأخبار وتواترت في مكاتبات التجار والسفار خطب بعض الخطباء يوم الجمعة سادس عشرينه باسم السلطان محمود وبعضهم أطلق في الدعاء ولم يذكر الاسم.
وفيه قوي عزم الباشا على السفر إلى جهة دمياط ورشيد والإسكندرية فطلب لوازم السفر ووعد بسفره بعد قطع الخليج وطفق يستعجل بالوفاء ويطلب ابن الرداد المقياسي ويسأله عن الوفاء ويقول اقطعوا جسر الخليج في غد أو بعد غد فيقول تأمرونا بقطعه قبل الوفاء فيقول لا ويقول ليس الوفاء بأيدينا.
فلما كان يوم السبت سابع عشرينه وخامس عشر مسى القبطي نقص النيل نحو خمسة أصابع وانكشف الحجر الراقد الذي عند فم الخليج تحت الحجر القائم فضج الناس ورفعوا الغلال من الرقع والعرصات والسواحل وانزعجت الخلائق بسبب شحة النيل في العام الماضي وهيفان الزرع وتنوع المظالم وخراب الريف وجلاء أهله واجتمع في ذلك اليوم المشايخ عند الباشا فقال لهم اعملوا استسقاء وأمروا الفقراء والضعفاء والأطفال بالخروج إلى الصحراء وادعوا الله فقال له الشيخ الشرقاوي ينبغي أن ترافقوا بالناس وترفعوا الظلم فقال أنا لست بظالم وحدي وأنتم أظلم مني فإني رفعت عن حصتكم الفرض والمغارم إكراماً لكم وأنتم تأخذونها من الفلاحين وعندي دفتر محرر فيه ما تحت أيديكم من الحصص تبلغ ألفي كيس ولا بد أني أفحص عن ذلك وكل من وجدته يأخذ الفرضة المرفوعة من فلاحيته أرفع الحصة عنه فقالوا له لك ذلك ثم اتفقوا على الخروج والتقيا في صبحها بجامع عمرو بن العاص لكونه محل الصحابة والسلف الصالح يصلون به صلاة الاستسقاء ويدعون الله ويستغفرونه ويتضرعون إليه في زيادة النيل وبالجملة ركب السيد عمر والمشايخ وأهل الأزهر وغيرهم والأطفال واجتمع عالم كثير وذهبوا إلى الجامع المذكور بمصر القديمة فلما كان صبحها وتكامل الجمع صعد الشيخ جاد المولى على المنبر وخطب بعد أن صلى الاستسقاء ودعا الله وأمن الناس على دعائه وحول ردائه ورجع الناس بعد صلاة الظهر وبات السيد عمر هناك.
وفي تلك الليلة، رجع الماء إلى محل الزيادة الأولى واستتر الحجر الراقد بالماء.
وفي يوم الاثنين، خرجوا أيضاً وأشار بعض الناس بإحضار النصارى أيضاً فحضروا وحضر المعلم غالي ومن يصحبه من الكتبة الأقباط وجلسوا في ناحية من المسجد يشربون الدخان وانفض الجمع أيضاً.
وفي تلك الليلة، التي هي ليلة الثلاثاء زاد الماء ونودي بالوفاء وفرح الناس وطفق النصارى يقولون أن الزيادة لم تحصل إلا بخروجنا.
فلما، كانت ليلة الأربعاء طاف المنادون بالرايات الحمر ونادوا بالوفاء وعمل الشنك والوقدة تلك الليلة على العادة.
وفي صبحها، حضر الباشا والقاضي واجتمع الناس وكسروا السد وجرى الماء في الخليج جرياناً ضعيفاً لعلو أرض الخليج وعدم تنظيفه من الأتربة المتراكمة فيه من مدة سنين وكان ذلك يوم الأربعاء غرة شهر رجب وتاس عشر مسى القبطي.

.شهر رجب سنة 1223:

واستهل شهر رجب بيوم الأربعاء في ثانيه يوم الخميس وصل إلى بولاق راغب أفندي وهو أخو خليل أفندي الرجائي الدفتردار المقتول وعلى يده مرسوم بإجراء الخطبة باسم السلطان محمود بن عبد الحميد وأنزلوه ببيت ابن السباعي بالغورية وضربوا مدافع بالقلعة وشنكاً ثلاثة أيام في الأوقات الخمسة وخطب الخطباء في صبحها باسم السلطان محمود الدعاء له في جميع المساجد. وفي ليلة الأحد خامسه، سافر محمد علي باشا إلى بحري ونزل في المراكب وأرسل قبل نزوله بأيام بتشهيل الإقامات والكلف على البلاد من كل صنف خمسة عشر وأخلوا لمن معه بيوت البنادر مثل المنصورة ودمياط ورشيد والمحلة والإسكندرية وفرض الفرض والمغارم على البلاد على حكم القراريط التي كانوا ابتدعوها في العام الماضي على كل قيراط سبعة آلاف نصف فضة وسماها كلفة الذخيرة وأمر بكتابة دفتر لذلك فكتب إليه الروزنامجي أن الخراب استولى على كثير من البلاد فلا يمكن تحصيل هذا الترتيب فأرسل من المنصورة يأمر بتحرير العمار بدفتر مستقل والخراب بدفتر آخر فلما فعل الروزنامجي ذلك أدخل فيها بلاد بها بعض الرمق لتخلصمن الفرضة وفيها ما هو لنفسه فلما وصلت إليه أمر بتوزيع ذلك الخراب على أولاده وأتباعه وأغراضه وعدتها مائة وستون بلدة وأمر الروزنامجي بكتابة تقاسيطها بالأسماء التي عينها له فلم يمكن الروزنامجي أن يتلاقى ذلك فتظهر خيانته ووزعت وارتفعت عن أصحابها وكذلك حصل بإقليم البحيرة لما عمها الخراب وتطل خرابها وطلبوا الميري من الملتزمين فتظلموا واعتذروا بعموم الخراب فرفعوها عنهم وفرقها الباشا على أتباعه واستولوا عليها وطلبوا الفللاحين الشاردة والمتسحبه من البلاد الآخر وأمروهم بسكناها وزادوا في الطنبور نقمات وهوانهم صاروا ينتبعون أولاد البلد أرباب الصنائع الذين لهم نسبة قديمة بالقرى وذلك بإغراء أتباعهم وأعوانهم فيكون الشخص منهم جالساً في حانوته وصناعته فما يشعر إلا والأعوان محيطون به يطلبونه إلى مخدومهم فإن امتنع أو تلكأ سحبوه بالقهر وأدخلوه إلى الحبس وهو لا يعرف له ذنباً فيقول وما ذنبي فيقال له عليك مال الطين فيقول وأي شيء يكون الطين فيقولون له طين فلاحتك من مدة سنين لم تجفعه وقدره كذا وكذا فيقول لا أعرف ذلك ولا أعرف البلد ولا رأيتها في همري لا أنا ولا أبي ولا جدي فيقال له ألست فلاناً الشيراوي أو الميناوي مثلاً فيقول لهم هذه النسبة قديمة سرت إلي من عمي أو خالي أو جدي فلا يقبل منه ويحبس ويضرب حتى يدفع ما ألزموه به أو يجد شافعاً يصالح عليه وقد وقع ذلك لكثير من المتسببين والتجار وصناع الحريري وغيرهم، ولم يزل الباشا في سيره حتى وصل إلى دمياط وفرض على أهلها أكياساً وأخذ من حكامها هدايا وتقادم ثم رجع إلى سمنود وركب في البر إلى المحلة وقبض ما فرضه عليها وهو خمسون كيساً نقصت سبعة أكياس عجزوا عنها بعد الحبس والعقاب وقدم له حاكمها ستين جملاً وأربعين حصاناً خلاف الأقمشة المحلاوية مثل الززدخانات والمقاطع الحرير وما يصنع بالمحلة من أنواع الثياب والأمتعة صناعة من بقي بها من الصناع ثم ارتحل عنها ورجع إلى بحر منوف وذهب إلى رشيد والإسكندرية ولما استقر بها أعبى هدية إلى الدولة وأرسل إلى مصر فطلب عدة قناطر من البن والأقمشة الهندية وسبعمائة أردب أرز أبيض أخذت من بلاد الأرز وأرسل الهدية صحبة إبراهيم أفندي المهردار وحضر إليه وهو بالإسكندرية قابجي من طرف مصطفى باشا البيرقدار الوزير برسالة ورجع بالجواب على أثره ولم يعلم ما دار بينهما.
وفي منتصفه، أعثى شعبان حضر محمد علي باشا من غيبته وطلع على ساحل بولاق ليلة الخميس خامس عشره وذهب إلى داره بالأزبكية ثم طلع في ثاني يوم إلى القلعة وضربوا لحضوره مدافع.

.شهر رمضان 1223:

واستهل شهر رمضان بيوم الجمعة وفيه وردت الأخبار بحرق القمامة القدسية وظهر حريقها من كنيسة الأروام.
وفيه، سافر عدة من العسكر والدلاة وعمر بك الألفي ومعه طائفة من المماليك إلى البحيرة بسبب عربان أولاد علي فإنهم كانوا بعد الحوادث المتقدمة نزلوا بالإقليم وشاركوا وزرعوا مثل ما كان عليه الهنادي والجهنة فلما اصطح الألفية مع الباشا توسط شاهين بك في صلح الهنادي والجهنة على قدر وذلك لما كان بينهم وبين أستاذه من النسابة ونزل صحبتهم إلى البحيرة وغمرهم بأرضها كما كانوا أولاد وطرد أولاد علي وحاربهم ومكن الهنادي والجهنة ورجع إلى الجيزة فراسل أولاد علي الباشا بوساطة بعض أهل الدولة وعملوا للباشا مائة ألف ريال على رجوعهم للبحيرة وإخراج الهنادي فأجابهم طمعاً في المال فحنق أولئك وعصوا وحاربوا أولاد علي ونهبوا ونالوا منهم بعد أن كانوا ضيقوا عليهم وحصلت اختلافات وامتنع أولاد علي من دفع المال الذي قرروه على أنفسهم واجتمعوا بحوش ابن عيسى فأرسل إليهم الباشا عمر بك المذكور ومن معه فحاربوهم مع الهنادي فظهر عليهم أولاد علي وهزموهم وقتل من الدلاة أكثر من مائة وكذلك من العسكر ونحو الخمسة عشر من المماليك فأمر الباشا بسفر عساكر أيضاً وصحبتهم نعمان بك وخلافه وسافرت طائفة من العرب إلى ناحية الفيوم فأرسلوا لهم عدة من العسكر.
وفي أواخره، سافر أيضاً شاهين بك وياقي الألفية خلاف أحمد بك فإنه أقام بالجيزة.
وفيه، نودي على المعاملة بأن يكون صرف الريال الفرنسا بمائتين وعشرين وكان بلغ في مصارفته إلى مائتين وأربعين والمحبوب بمائتين وخمسين فنودي على صرفه بمائتين وأربعين وذلك كله من عدم الفضة العددية بأيدي الناس والصيارف لتحكيرهم عليها ليأخذها تجار الشام بفرط في مصارفتها تضم للميري فيدور الشخص على صرف القرش الواحد فلا يجد صرفه إلا بعد جهد شديد ويصرفه الصراف أو خلافه للمضطر بنقص نصفين أو ثلاثة.
وفيه، سافر أيضاً حسن الشماشرجي ولحق بالمجردين.
وفي أواخره، ورد الخبر بأن محو بك كاشف البحيرة قبض على السيد حسين نقيب الأشراف بدمنهور وأهانه وضربه وصادره وأخذ منه ألفي ريال بعد أن حلف أنه لم يأت بها في مدة أريع وعشرين ساعة وإلا قتله فوقع في عرض النصارى المباشرين فدفعوها عنه حتى تخلص بالحياة وكذلك قبض على رجل من التجار وقرر عليه جملة كثيرة من المال فدفع الذي حصلته يده وبقي عليه ما قرره عليه فلم يزل في حبسه حتى مات تحت العقوبة فطلب أهله رمته فحلف ألا يعطيها لهم حتى يكون ابنه في الحبس مكانه.
ومن الحوادث السماوية، أن في سابع عشرين رمضان غيمت السماء بناحية الغربية والمحلة الكبرى وأمطرت برداً في مقدار بيض الدجاج وأكبر وأصغر فهدمت دوراً وأصابت أنعاماً غير أنها قتلت الدودة من الزرع البدري.

.شهر شوال سنة 1223:

واستهل شهر شوال بيوم الأحد في أواخره حضر شاهين بك الألفي من ناحية البحيرة وذلك بعد ارتحال أولاد علي من الإقليم.
وفيه، أيضاً حضر سليمان كاشف البواب من ناحية قبلي وصحبته عدة من المماليك وأربعة من الكشاف فقابل الباشا وخلع عليه وأنزله ببيت طنان بسويقة العزى وسكن بها وحضر مطروداً من إخوانه المرادية.